حكم سماع الآلات الموسيقية
الأصل في الآت اللهو والعزف التحريم، ولا خلاف بين الفقهاء في ذلك. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "الأئمة متفقون على تحريم المعازف التي هي آلات اللهو؛ كالعود ونحوه".
وأدلة التحريم على النحو الآتي:
1- قول الله تعالى: "ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن
سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوًا أولئك لهم عذاب مهين". الآية (6)، من سورة لقمان.
وجه الدلالة: لهو الحديث:
كل كلام يلهي القلب ويشغل الوقت ولا ينفع. ويدخل في ذلك صوت الآت اللهو والموسيقى.
2-قول الله تعالى: "واستفزز من استطعت منهم بصوتك".
من الآية (64)، سورة الإسراء.
وجه الدلالة: معنى(بصوتك): قيل بأصوات الغناء والمزامير،
وقال آخرون: بكل صوت كان فيه دعاء إلى الشيطان وإلى عمله وطاعته.
3-حديث أبي مالك الأشعري t أنه سمع النبي r يقول: « ليكوننّ من أمتي أقوام يستحلون الحر
، والحرير والخمر والمعازف" إلى قوله r
" فيبيّتهم الله، ويضع العلَم ،
ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة
». أخرجه البخاري، حديث (5590).
وجه
الدلالة: الاستحلال أي يرونه حلالاً، وينشرونه،
سواء فعلوه بأنفسهم أو لم يفعلوه. وعقوبة هؤلاء أن الله يدّك جبلا ويوقعه على
رؤوسهم، ويمسخ آخرين قردة وخنازير.
ويستثنى من الآلات الموسيقية الدفّ في العرس والعيد دون غيرهما من
مناسبات؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم استثنى الدفّ دون غيره، وأقرّهما في العرس والعيد دون المناسبات الأخرى. فتبقى إباحته على ما نُص عليه من مناسبات
وهما العرس والعيد. ولا يجوز قياس المناسبات المتعددة على العرس والعيد؛ لأن
المستثنى من محرم تبقى إباحته على ما نُص عليه فيه.
وإباحة ضرب الدفّ في العرس والعيد، دون غيرهما
من مناسبات للأدلة الآتية:
1- عن عائشة -رضي الله عنها-قالت: إن أبا بكرtدخل عليها وعندها جاريتان في
أيام مِنى تغنيان وتُدفِّفان وتضربان، والنبي r متغشٍ بثوبه، فانتهرهما
أبوبكر، فكشف النبي r عن وجهه، فقال: « دعهما
يا أبا بكر فإنها أيام عيد ». أخرجه البخاري، حديث رقم (3529)،
ومسلم، حديث رقم (892)
وجه
الدلالة: أن الحديث نص صريح في إباحة الضرب
بالدف في العيد، وإباحته للدفّ استثناء من عموم تحريم المعازف، بدليل أن أبا بكر
سمى الدفّ من مزامير الشيطان، كما جاء في رواية مسلم، قالت -رضي الله عنها-:
"فدخل أبوبكر فانتهرني، وقال: مزمار الشيطان عند رسول الله r".
2-عن محمد بن حاطب tقال: قال رسول الله r«فصل ما بين الحرام
والحلال الدف والصوت ». وهذه رواية الترمذي، وفي الروايات الأخرى «الدفّ
والصوت في النكاح». أخرجه الترمذي ، رقم (1088)، وقال: حديث حسن.
وصححه الحاكم في مستدركه (2/184)، ووافقه الذهبي.
وجه
الدلالة: أن الحديث نص صريح في أن ضرب الدفّ
من المباح في النكاح.
3-عن عائشة -رضي الله عنها-أنها زفت امرأة إلى
رجل من الأنصار، فقال النبي r: « يا عائشة، ما
كان معكم لهوٌ، فإن الأنصار يعجبهم اللهو ».
أخرجه البخاري، برقم (5162).
وجه الدلالة: أن المراد باللهو أي المباح منه كضرب الدف.
وقوله r
دليل ،على استحباب الدفّ في العرس، لإظهار
الفرح والسرور فيه.
4-أن الدف مُدرج من ضمن آلات العزف، فهو محرم،
فلما استثناه النبي r في النكاح والعيد، دلّ
هذا على إباحته والرخصة به في العرس والعيد دون غيرهما.
بناء على ما ترجح من إباحة الدف دون غيره في النكاح والعيد فما صفة الدف المباح؟
الدفّ المباح الذي يضرب به هو النوع المدور،
المغشّى من جهة واحدة، وهو يشبه الغربال في استدارته، والغربال هو المنخل الذي
يغربل أي ينقّى به الحبُّ من الشوائب به. والدفّ بالوصف السابق، قد اتفق الفقهاء
على مشروعيته؛ لأن الدفّ على الصفة السابقة هو المعروف عند العرب، مما يلعب ويضرب
به.
وأما
إذا تغيرت بعض صفاته السابقة، فقد اختلف الفقهاء في مشروعيته وجواز الضرب به، ومن
هذه الأنواع المتحولة عن الدفّ السابق: الدف ذي الجلاجل: وهو عبارة عن دفّ فيه
خروق دائرية، توضع فيها صنوج من نحاس وصفر، وعند الضرب به تخرج معه أصوات النحاس
والصفر. والجمهور على تحريم الضرب به، واستدلوا بالآتي:
1-حديث عائشة -رضي الله عنها-قالت: قال رسول
الله r:
« أعلنوا النكاح واضربوا عليه بالغربال ».
2- أن الدفّ المغشي من جهة واحدة، هو المعهود
عند العرب.
3-أن الأصل في بيان ألفاظ الكتاب والسنة
إلى ما كان معروفًا عند الوحي والتنزيل، والدفّ كان في حينها يشبه الغربال.
3- أنه في الوقت الحاضر، فإن الدف ذي الجلاجل
يسمى بآلة الرَق، وطريقة العزف عليه تختلف عن العزف أو الضرب بالدف الذي لا جلاجل
فيه. وبالمثل الدف ذي الصنوج.
هل ضرب الدف في العرس والعيد خاص بالنساء دون
الرجال؟
يجوز للنساء، وأما الرجال فلا يجوز لهم عمله ولا حضوره؛ لأن الأحاديث في الضرب بالدفوف جاءت في النساء وبالذات الجويريات دون الرجال.
ولمزيد بحث في الموضوع"اضغط"
تعليقات
إرسال تعليق